فتنة البعض فى " قل إنما أنا بشر مثلكم "
كيف نفهم قول الله عز وجلَّ
" قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا " الكهف:110 فى ظلِّ آيات قرآنية كريمة تمدح النبيَّ صلى الله عليه وسلم فى علمه وفى خُلُقه وفى مكانته عند ربِّه الكريم سبحانه ؟!
كيف نوفق بين المثلية فى البشرية ، وبين السيادة على كل البشر والأفضلية فى التقوى لله والمعرفة به والشفاعة العظمى والوسيلة ؟!
لقد علِمنا يقينا أنَّ القرآن لا يختلف مع القرآن ، فلم يتبقَّ لنا إلا البحث عن التوفيق بين آياته فى فهم يحفظ لكل آية معناها الفعال دون تعارض أو تعطيل أو تحريف.
فالمثلية فى البشرية تحققت عندما وُلِدَ النبى صلى الله عليه وسلم لأبوين ، فكان الحمل والولادة والرضاعة ، ثم الأكل والشرب وقضاء الحاجة ، ثم النوم والمرض ، وأخيرا الموت .
بمثل هذه الأعراض التى تطرأ على البشر تحققت المثلية بين النبى صلى الله عليه وسلم ، وبين البشر فى غالب الأحوال.
أما أن يفهم البعض من المثلية تمام التطابق ، فهذا لم يقل به أحد !!
إنَّ توافر صفة واحدة مثل الشجاعة بين الرجل وبين الأسد ، تجعلنا نقول: هذا الرجل انقض على عدوه مثل الأسد. وهكذا تتحقق المثلية متى جاز التشبيه فى صفة أو أكثر ، ولا يلزم التطابق ، ولا تلزم المساواة.
فالنبى فى الأصل لا يعلم الغيب ، ولكن الله يطلعه عليه :
" ... وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا" النساء:113
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَبِّ وَسَعْدَيْكَ قَالَ فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلأ الأعْلَى قُلْتُ رَبِّ لا أَدْرِي فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ فَعَلِمْتُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ * وللحديث بقية . قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
فمن الذى يستطيع أن يضع لنا حدًّا لهذا العلم ولهذا الفضل؟!
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لا تَسْمَعُونَ إِنَّ السَّمَاءَ أَطَّتْ وَحَقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشَاتِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ *
رواه الترمذى وأحمد
فلا تبخسوا سيِّدَنا محمدًا حقّه يا عباد الله !
مواقع النشر (المفضلة)