End Google Ads 201810 - BS.net 01 -->بدون تردد
الإصلاح الاقتصادي*.. والأزمة العالميةبقلم* :محمد برگات
كل التقديرات الموضوعية للمتخصصين في الاقتصاد علي المستويين المحلي والدولي تقول بأن أزمة أسواق المال التي ضربت دون هوادة كل المؤسسات المالية،* والبورصات العالمية،* والبنوك وهيئات الائتمان في العالم،* وانتقلت في لمح البصر من أمريكا إلي أوروبا وآسيا والخليج والشرق الأوسط وغيرها من بقاع المعمورة،* سوف تستمر في تأثيرها وتداعياتها المباشرة وغير المباشرة،* عدة أشهر أخري،*...،* وأنها ستنتقل مع دول العالم الي العام الجديد*.
وطبقا* لهذه الرؤية،* ودون تهويل أو مبالغة فإن العالم سيشهد ويعيش خلال الأسابيع والشهور المتبقية من العام الحالي *٨٠٠٢،* وحتي النصف الأول من العام القادم *٩٠٠٢ علي اقل تقدير،* حالة من حالات الركود والتباطؤ الاقتصادي يأملون في الا تصل الي الكساد الاقتصادي العالمي الشامل،* وهو ما يسعي الجميع لتجنب حدوثه،* وتوقي وقوعه بجميع الوسائل الممكنة*.
وفي هذا الاطار* يأمل هؤلاء المتخصصون والخبراء ان تؤدي الاجراءات العاجلة،* والقرارات السريعة التي اقرتها الولايات المتحدة الامريكية،* ومن خلفها أوروبا وبقية الدول للحد من الأزمة،* وأن تكون ماضية علي الطريق الصحيح لانقاذ العالم من شبح كارثة الكساد الشامل الذي يمكن ان تكون له عواقب وخيمة علي الجميع،* وان كان ذلك لن يمنع تأثر ومعاناة دول كثيرة وشعوب عديدة ومئات الملايين من البشر في أماكن كثيرة من العالم*.
ودون تهوين أو تقليل من شأن هذه الكارثة أو الأزمة التي اكتسحت أسواق المال في العالم كله نستطيع القول،* طبقا* لرؤية خبراء الاقتصاد،* واعتمادا* علي ما* يرون أنه من الحقائق شبه المؤكدة علي أرض الواقع،* بأن مصر بحمد الله ستكون من الناجين من هذه الكارثة،* وانها ستكون من بين الدول الاقل تعرضا* للتأثيرات المباشرة،* والتداعيات المباشرة لهذه الكارثة او الأزمة*.
وهذا الكلام لا نطلقه دون تحرز،* ودون تأن،* كما لا نطلقه مجاملة،* للحكومة فهذا* غير وارد،*...،* بل علي العكس من ذلك تماما* نقوله بعد فحص وبحث وتدقيق،* وطبقا* لرؤي واضحة وموضوعية لعديد من المتخصصين والخبراء،* وفي اطار القراءة الموضوعية لحقيقة الامور علي ارض الواقع،* والحالة الآنية للوضع الاقتصادي المصري،* ودون مجاملة لأحد،* وايضا* دون تهوين من شأن الازمة،* ومدي قوتها وفداحة تأثيرها،*...،* وايضا* دون تهويل من شأن الاقتصاد المصري او تعظيم قوته*.
*< < <
وفي اطار المصارحة والشفافية المطلوب من الجميع الالتزام بها نقول ان ذلك لا يعني ان مصر لن تتأثر بالأزمة الحالية التي اكتسحت وتكتسح الجميع،*...،* ونقول أيضا* وبوضوح أن مصر ستتأثر ولا يستطيع أحد أن يدعي* غير ذلك،* سواء كان من الخبراء أو المتخصصين أو* غير الخبراء وغير المتخصصين في قضايا وشئون الاقتصاد علي المستوي المحلي أو الدولي،* كما لا يستطيع احد من الحكومة أو الحزب الوطني القول بغير ذلك علي الاطلاق*.
ولكن ما يجمع عليه الكل ويتفق عليه الخبراء والمتخصصون في الحزب والحكومة،* ومن بين أساتذة الاقتصاد من* غير العاملين في الحكومة،* وغير المنتمين للحزب الوطني بأن مصر ستتأثر بالقطع بصورة* غير مباشرة ونتيجة التداعيات التي ستنجم عن الأزمة،* وأن هذا التأثر سيشمل قطاعات كثيرة،* يأتي في أولها قطاع الاستثمارات المباشرة القادمة من الخارج،* ويتبعها قطاع التجارة الخارجية وحجم تبادلها،* وهو ما يعني تأثر التصدير،* وكذلك في حجم المرور من قناة السويس،* وحجم العائد من القناة*.
وكذلك سيتأثر بالتأكيد قطاع السياحة،* نظرا* لتوقع قلة عدد السائحين في ظل هذه الأزمة،*...،* وكل ذلك يؤثر بالقطع علي فرص العمل،* ويؤثر بالتأكيد علي معدل النمو في مصر،* والذي وصل الي ما يزيد علي *٧٪* في العام الماضي،* وكنا نتوقع ونعمل لزيادته علي ذلك*.
وبالمناسبة،* فإن كل تلك التأثيرات المتوقعة هي نتيجة التداعيات للأزمة،* وما سينجم عنها علي مستوي العالم كله،* حيث ان الولايات المتحدة بدأت تعاني بالفعل من حالة ركود اقتصادي وتباطؤ في جميع القطاعات الاقتصادية،* أخذ في الانتقال إلي أوروبا وغيرها من دول العالم،* وذلك طبيعي،* لأن الولايات المتحدة صاحبة أكبر وأضخم اقتصاد في العالم كله،* والأكثر تأثيرا* علي جميع الاقتصاديات سواء في أوروبا،* أو* غيرها،* نظرا* لتأثيرها المباشر علي حجم الانتاج،* في العالم،* وحركة التجارة والتصدير والاستيراد،* ولكونها ايضا* أكبر سوق استهلاكي في العالم كله،* وهو ما يؤثر بصورة كبيرة علي حجم التصدير من الدول الاخري،* ومنها بالطبع الصادرات المصرية للولايات المتحدة،* وهو حجم ليس بالقليل*.
ومن ناحية أخري فإن أسواق أوروبا المستقبلة للصادرات المصرية ستتأثر أيضا* نتيجة الأزمة وقلة السيولة المتاحة هناك،* وذلك بالقطع سيمتد إلي قلة عدد السائحين الأوروبيين،* والأمريكان،* وغيرهم،*...،* وهو ما دعانا للقول بأن السياحة أيضا* ستتأثر عندنا،*...،* ولكن بالرغم من ذلك كله يجب أن نعرف أن هذه تأثيرات قليلة وان كانت* غير هامشية*.
*< < <
ونقول أنها قليلة بالقياس بفداحة التأثير الكارثي المباشر للازمة علي أوروبا بعد أمريكا،* وكذلك علي بلدان أخري كثيرة بعدهما،* وهو ما رأيناه وتابعناه خلال الاسابيع القليلة الماضية،* من انهيار لأسواق المال في كل هذه البلاد،* وما حدث من افلاس لبنوك كبيرة ومؤسسات مالية ضخمة،* وشركات ائتمان مهولة،* وخسائر تتجاوز المليارات،* من الدولارات،* واليورو،* والاسترليني،* وتدخل الي نطاق التريليونات،* وهو ما يعني أرقاما فلكية لنا ولغيرنا من مواطني العالم النامي،*...،* بل وايضا* بالنسبة للعالم المتقدم أو فوق النامي*.
ونقول أيضا* ان تجنيب مصر التأثيرات المباشرة والمدمرة لهذه الأزمة العالمية الكاسحة لم يأت بالصدفة الحسنة،* ولم يحدث نتيجة حسن النوايا،* أو حسن الحظ،* ولكنه للحقيقة وللتاريخ جاء نتيجة مباشرة لسياسات اقتصادية سليمة وشجاعة في اطار خطة الاصلاح الاقتصادي المصري التي قطعنا شوطا* طويلا* في تنفيذها من جانب الحكومة،* كترجمة مباشرة لما تم وضعه في الحزب من سياسات محددة خلال السنوات الخمس* الماضية بصفة عامة والسنوات الثلاث الماضية علي وجه الخصوص وهو ما أحدث نقلة نوعية كبيرة في الاقتصاد المصري*.
وهذه النقلة هي التي مكنت بنوك مصر ومؤسساتها المالية والمصرفية من النجاة من الأزمة،* والسلامة من تأثيرها المباشر الذي رأيناه في حالات الانهيار والافلاس التي اصابت أكبر بنوك ومؤسسات العالم في امريكا وأوروبا وغيرها*.
ومن هنا نري أن عملية الاصلاح الاقتصادي التي تمت بنجاح في مراحلها الأولي،* وفي الجهاز المالي والنظام المصرفي بالذات هي التي اعطتنا صدق القول اليوم بأن بنوك مصر ومنظومتها المالية آمنة تماما،* وبعيدة كل البعد عما حدث ويحدث في اسواق المال بالعالم،*...،* وهي التي مكنتنا من القول بقوة وصدق،* ان كل ايداعات المصريين آمنة تماما* في بنوك مصر،* وانها مكفولة بالكامل من الدولة*.
واذا كنا نري من حقنا ان نوجه النقد للحكومة،* اذا ما قصرت في الأداء بصفة عامة،*...،* أو تهاونت في الوفاء بواجبها ومهمتها في خدمة الجماهير ورعايتهم،*...،* فإن الحق والواجب يقتضي في نفس الوقت،* أن نشيد بها إذا ما أحسنت،* وأدت واجبها علي القدر الواجب من الكفاءة والالتزام*.
لذلك فمن المهم أن نقول اليوم للحكومة لقد احسنت في أداء دورك،* ولقد أحسنت في الاصلاح الاقتصادي،*...،* وفي تنفيذ سياسات الحزب الوطني ورؤيته،* وأفكاره الجديدة،* والمتجددة في الاصلاح،*...،* ونقول لهم أيضا* أن الاستمرار علي طريق الاصلاح ضرورة لابد منها،* لتحقيق التنمية،* ومواجهة الأزمات الطارئة التي تفرض نفسها علينا في عالم متغير ومتصل في نفس الوقت،* في ظل العولمة،* وثورة الاتصالات*.
*< < <
والمتابع لأزمة أسواق المال العالمية،* التي اكتسحت الولايات المتحدة الأمريكية،* وأوروبا،* وآسيا،* وغيرها من دول وقارات العالم،* والمتتبع لتصاعد تأثيرها خلال الأيام الماضية،* وقدر الخسائر الجسيمة التي نجمت عنها،* وقدر الفزع والرعب الذي انتاب رجال المال،* والبنوك،* وجميع المؤسسات والشركات العاملة في الائتمان،*...،* وأيضا* الفزع والاحباط الذي أصاب عموم الناس وخاصتهم بوصفهم من المتعاملين مع هذه البنوك،* وتلك المؤسسات بصورة أو بأخري،*...،* يدرك أن مصر بالفعل،* وبحمد الله،* كانت ولا تزال الأقل تأثرا* علي الاطلاق بين الدول نتيجة الأزمة*.
ويدرك في ذات الوقت أن قلة التأثر هذه،* ترجع في أساسها وجوهرها إلي ما تحقق من نجاح علي طريق الاصلاح الاقتصادي خلال السنوات الماضية،* والسنوات الثلاث* الأخيرة علي وجه الخصوص،* وما تم فيها من اعادة تأهيل واصلاح شامل لمنظومة البنوك والمصارف المصرية،* والتي حولتها إلي كيانات قوية قادرة علي العمل بكفاءة كاملة،* وقادرة علي مواجهة التحديات،* والصمود في وجه العواصف المالية الدولية*.
ويدرك أيضا،* أن المنظومة الشاملة للإصلاح الاقتصادي والتي شملت الضرائب،* والجمارك،* والاستثمار،*...،* والتصدير،* وفتح الأسواق العالمية،* واقامة المشروعات،* وحل مشاكل المستثمرين،* وتخفيف اجراءات اقامة الشركات،* هي التي مكنت مصر من تحقيق معدل تنمية مرتفع،* وهي ايضا* التي مكنتنا من الثقة في قدرتنا علي مواجهة هذه الازمة،* والثقة في امكانية النجاة من تأثيراتها المباشرة والخطرة*.
*< < <
والمتابع لهذه الأزمة العالمية يلاحظ قبل ذلك وبعده،* سرعة انتقالها من بلد المنشأ إذا جاز التعبير إلي جميع الدول والقارات في زمن قياسي،* يكاد يحسب بالساعات،* وليس بالأيام،* ولولا فروق التوقيت المختلفة بين دول وأخري،* واختلاف مواعيد اغلاق وفتح البورصات،* ومواعيد الاجازات،* لكان زمن الانتقال أقل من الساعات*.
ونتيجة لهذه السرعة في الانتقال للأزمة من بلد المنشأ التي هي أمريكا،* إلي* غيرها من الدول،* نستطيع القول أن العالم أمسي وهو* يري بداياتها في واشنطن،* ثم أصبح ليجدها تغمر كل بلاد العالم،* وتجتاح بخسائرها أسواق المال في لندن،* وباريس،* وبرلين،* وطوكيو،* وموسكو،* وسنغافورة،* والرياض،* وأبوظبي والمنامة،*...،* وغيرها من عواصم العالم*.
وهنا يجب أن نتوقف طويلا* جدا* أمام هذه الظاهرة،* وأن نأخذ الدرس والعبرة من ذلك الانتقال السريع والخاطف للأزمة،* وتحولها بين ليلة وضحاها إلي أزمة عالمية،* وهو ما يعني أننا بالفعل أصبحنا أمام عالم مختلف تماما* عن العالم الذي اعتدنا عليه خلال السنوات الماضية،*...،* وان هذا الاختلاف أصبح جسيما* جدا،* وملموسا* جدا،* حيث سقطت جميع الحواجز بين الدول،* وزالت جميع الفواصل بينها،* وأصبح العالم منفتحا* تماما* علي بعضه البعض،* وأصبحت كلمة العولمة،* والسماوات المفتوحة والمتصلة ذات معني،* وذات مضمون علي أرض الواقع،* يصعب تجاهله أو إنكاره،* بفضل التطور الهائل في أجهزة ووسائل الاتصال،* وانتشار وكفاءة شبكة المعلومات الدولية التي نقلت العالم كله علي شاشة لا تزيد علي كف اليد*.
ونتيجة لذلك،* أعتقد،* أنه أصبح من الضروري جدا،* أن نرفع من قدرتنا علي التعامل مع هذا العالم الجديد،* الذي أصبحنا علي اتصال وثيق به،*...،* بل علي ارتباط وثيق ودائم به*.
*< < <
وفي ضوء ذلك كله،* أحسب أنه من الضروري،* أن* يكون شاغلنا الأول في مصر الآن،* حساب كافة الأثار المتوقعة علي كل القطاعات الاقتصادية،* سواء في الجهاز المالي والمصرفي،* والاستثمارات،* والسياحة،* ومشروعات الانتاج،* والخدمات،* وفرص العمل،* وقناة السويس،*...،* وغيرها،*...،* واعداد خطة مدروسة واضحة واقعية للمواجهة وتقليل الخسائر وتعظيم الفائدة والبحث عن الايجابيات،*...،* وأن* يكون هدفنا جميعا الحفاظ علي معدل نمو مرتفع قدر الإمكان*.
وأعرف أن ذلك هو المعمول به الآن،*...،* وأن الكل مشغولون بذلك،* سواء في الحكومة أو الحزب،* تنفيذا* لتوجيهات واضحة ومحددة من الرئيس مبارك منذ البدايات الأولي للأزمة،*...،* وهذا* يبعث علي الإطمئنان،* ويدعوا للتفاؤل*.
مواقع النشر (المفضلة)