End Google Ads 201810 - BS.net 01 --> تحميل كتاب – أعترافات جان جاك روسو (الجزء الثاني) pdf







بدأ روسو بوداع اللحظات الغالية والايام الوادعة تلك التى احبها وهو يعيش احلى سنين عمره في شارميت وهي منطقة ريفية في سويسرا، مع الامرأة تلك التى ربطته بها علاقة عميقة ومتعارضة كليآ فهي تجمع بين الحب والصداقة والاخاء والامومة بشكل يثير التناقض والاستغراب.
وكانت اجمل ايام حياته في تلك المدة تلك التى كان يقضيها في العديد من القراءة والدراسة في علوم شتى، بين اعشاش الحمام او في الحديقة او في البساتين او في مزرعة الكروم.
بدأت الامراض والاعراض تداهمه وتضعف قوته فصار معلولا لايقوى على مااعتاد عليه من اعمال روتينية، واشتدت به الاحوال مما اضطره للبحث عن اطباء ودواء في مدن اخرى.
وكانت عودته الى قريته متلهفآ بعد رحلة الدواء بداية مصائبه حينما وجد المرأة تلك التى احبها وقد تغيرت مشاعرها ومنهجها نحوه، فقرر على اثر ذلك ان يترك شارميت ويرحل بعيدآ عنها.
وكانت تلك بداية الاضطهادات تلك التى صارت تتوالى عليه وتلاحقه في كل مكان.
أستقر في باريس وبذل قصارى جهده في النبوغ في الموسيقى بتأليف القليل من المسرحيات والاوبرا تلك التى لاقت بعد جهد وعذاب مضنٍ نجاحآ كبيرآ، ثم شاءت الاقدار أن ترمي به في طريق تأليف المقالات والكتب تلك التى ما كان مما جذبه ولكنه انغمس بها من دون ارادته، وكان مشواره الادبي مليئآ بالمنغصات والمصائب والمؤامرات تلك التى “لامثيل لها في مصير البشر” كما وصفها.
ولما كان للصداقة حيزآ مهيبآ في حياته، فقد كانت انتكاسته وضياعه بسبب تلك الصداقة، أمتلأت صدور اقرب اصدقاءه بالغيرة والحسد والبغض لما ناله من شهرة واستحسان في المجتمع بسبب موهبته وبراعته في تأليف الالحان والادب.
ما كان ليخطر على باله مالقيه من ضراوة واستهجان وترفع مهين و بغضاء في المعاملة من قبل اصدقاء اعتبرهم من المقربين، وكان خليقآ به ان يكون قادرآ على كشف زيفهم ودهائهم إذا كان اقل عمى وغفلة..!
وكنت كأني اتعرف على نفسي واكتشف دواخلي بصورة مكبرة عبر مجهر روسو ذلك الذي استعمله في توضيج وتكبير خصائص الميول البشرية والمشاعر الانسانية، وكان يظن الى درجة الجزم – على ماقرأنا في الجزء الاول – بأنه لم يخلق له شبيه وما كان له مثيل، واعتقد انه كان يقصد اقرانه والزمن ذلك الذي عاش فيه.
واني اجزم مثله، ان هناك “نفرآ” من الناس تقاطعت صفاتهم وطبائعهم مع من كان يظن انه الوحيد ذلك الذي يملكها.
أسرد القليل من من تلك الطبائع والصفات مما وجدته مستحبآ وقريبآ.
” وماكنت لاطيق يومآ ذلك الحمق وذاك التخبط الاحمق ذلك الذي تحفل به الاحاديث العادية، ومع ذلك الاحاديث النافعة الدسمة تبعث في نفسي سرورآ عارمآ، ومااعتدت ان ارفضها قط!..”


“وكانت الكتب تلك التى تمزج التقوى بالعلوم هي اكثرها ملائمة لي.”
” وأني لأحب ان أفكر فيه وأتأمل آياته، فى حين يكون فؤادي متطلعآ اليه – يقصد الله – وبوسعي ان اقول ان صلاتي كانت خالصة، وكانت جديرة – لهذا السبب – بأن تسجاب.”
ويقصد التعبد والتأمل عبر روعة الكون وجمال الاماكن تلك التى كان يسيح فيها.
“وكنت استغرق في التفكير وانا في فراشي مغمض العينين واروح اقلب عباراتي في رأسي، واعاود تقليبها في عناء لايمكن تصوره، حتى اذا انتهيت الى الرضا عنها، اودعتها ذاكرتي الى ان استطيع تستطيرها على الورق، ومع ذلك الوقت ذلك الذي كان يستغرقه لنهوضي وارتداء ثيابي، كان يضيعها عليّ.”
” وهكذا دفعت بي المضايقات الخفية لحال اخترتها لنفسي، الى مهنة الادب نهائيآ، فقد رحت ألوذ بها فرارآ من تلك المضايقات. وذلك السر في انني بثثت كل مؤلفاتي الاولى، المرارة والضيق اللذين دفعاني الى ان أشغل نفسي بكتابتها.”
ماأعظمك ياروسو وماارفع خصالك .. حقيقة قليل من هم على شاكلتك .. استمع لهذه.
” وكانت الحياة في باريس، بين قوم أدعياء محبين للمظاهر، لاتروق لي .. كان تعصب الادباء وتحزبهم، ومنازعتهم المخزية، وافتقارهم الى النقاء ذلك الذي يتجلى في كتبهم، والمظهر المترفع ذلك الذي يغشون به المجتمع .. كل تلك كانت بغيضه الى نفسي!.. وما أقل ماوجدت من رفق وسلامة قلب وصراحة في الاتصال بالناس، لاسيما أصدقائي!..”
” بيد أنني كنت اشعر بأن الكتابة من اجل كسب العيش، لن تلبث ان تخنق نبوغي، وان تقتل موهبتي تلك التى كانت في قلبي اكثر مما كانت في قلمي، والتي لم تبعث الا من اسلوب في التفكير راق، أشم هو وحده لديه القدرة على تغذية تلك الموهبة.”
” لقد كنت أشعر دائمآ ان مكانة المؤلف لايمكن ان تصبح مرموقة ومحترمة، الا لو كان التأليف بعيدآ عن ان يكون حرفة. اذ انه من العويص، كل العويص، ان يفكر الانسان تفكيرآ نبيلآ ساميآ، اذا ما كان مضطرآ الى ان لا يفكر الا طلبآ للرزق!.”
“ولكي يكون الكاتب قادرآ، ولكي يجسر على ان ينطق بالحقائق الجليلة، يجب الا يعول على النجاح ويركن اليه.”
قدرة هائلة وبلاغة عالية على تجريد النفس وكشفها بلغة تفيض بالمشاعر والاحساس الصادق بهدف أعطاء الرأي العام الفرصة لمعرفة الحقيقة والحكم على صاحبها بدون الاستناد الى الشائعات والاخبار تلك التى وردت بكتب غيره من ادباء عصره والتي كان هدفها تشويه سمعته والقضاء عليه نفسيآ ومعنويآ.
هناك نوعان من الادب، الاول الكتابة بأحساس وشفافية، تصل رسالتها الى القارئ عبر تلك الاحاسيس، اما الثانية فلا دخل للمشاعر فيها ورسالتها هي معلومة معينه تصل الى القارىء.
حمل من هنا



المصدر
تحميل كتاب أعترافات جان جاك روسو (الجزء الثاني) pdf